بيرس: "المجنون" يعود الى مقاعد الدراسة

ما أن تذكر إسم ستيوارت بيرس أمام أي مشجع إنجليزي حتى تتبادر إلى الأذهان صورة رد فعله بعد تسجيله ركلته الترجيحية التي ساهمت بالفوز على أسبانيا. بدت عيناه حينها وكأنهما ستخرجان من مكانهما، عروقه كادت أن تنفجر، وقبضته المرفوعة، كل ذلك جعل من لقب "المجنون" (Psycho) يتناسب تماما مع الالتزام الذي أظهره خلال مسيرته الاحترافية على مدى 19 عاما.


في المقابل، فإن المشجعين من خارج إنجلترا وخصوصا الألمان منهم، يتذكرون بيرس بركلته الترجيحية الضعيفة التي نفذها أمام ألمانيا خلال الدور نصف النهائي من كأس العالم إيطاليا 1990 FIFA. ومع ذلك، لا يجب تذكر مسيرة هذا المدافع من خلال ركلتين ترجيحيتين متناقضتين من حيث النجاح. مسيرته كانت طويلة ومتميزة، كان قائدا حقيقيا في أرضية الملعب، وحمل شارة القائد في الأندية التي لعب فيها فضلا عن إنجلترا أيضا ولعب تحت إشراف أفضل مدرب في تاريخ إنجلترا خلال مسيرته مع نوتنجهام فورست وهو بريان كلوف.


"ما عليك سوى أن تنظر إلى ما حققه مع فرق مثل فورست وديربي اللذين فازا بلقب الدوري وتوجا معه بلقب كأس أوروبا في عامين على التوالي: إنه يتميز عن غيره"، هذا ما قاله بيرس عن كلوف لFIFA.com، مضيفا "أنا لم أعرف أحدا يتميز بهذه الشخصية القوية. كنت محظوظا جدا للعمل معه لمدة ثماني سنوات. لعب دورا هائلا في مسيرتي".


نظرا لشخصيته المحبة للفوز، والكاريزما التي تمتع بها والنجاح الذي حققه، كتب العديد من الكتب وأنتج العديد من الأفلام عن "كلوفي" الذي قال في إحدى المناسبات: "قد لا أكون أفضل مدرب في هذه المهنة، لكنني على رأس القائمة!"، وبيرس لديه دون أدنى شك الكثير من القصص عن مدربه السابق، لكنه اختار واحدة ليرويها إلى زائري FIFA.com.


"أتذكر ميلوول عندما صعد إلى دوري الأضواء والأسئلة والمخاوف التي كانت موجودة حينها بسبب المشاغبين، لكن كلوفي أوقف الحافلة على بعد ميل ونصف من الملعب وجعلنا نمشي لما تبقى من الطريق! أرادنا أن نظهر أننا لا نشعر بالرهبة أو بالخوف، لكنني كنت مرعوبا! حرصت على أكون قريبا منه، لأنه كان يملك عصا كبيرا للمشي - ولو حصلت أي مشاكل لما تأخر في استعمالها!".


وبعد أن عايش تجربة التدريب بنفسه، أصبح بيرس يقدر تماما الدور الذي لعبه هؤلاء الذين قاموا بتغذية قدراته: كلوف، مدرب ويلز السابق بوبي جولد وحتى تيري فينابلز، لكنه احتفظ بتمجيد خاص للسير الراحل بوبي روبسون الذي توفي في وقت سابق من العام الحالي.



كان رجلا نبيلا، رجلا عظيما ومدربا كبيرا. درب إنجلترا لمدة ثماني سنوات، وأنا لا أعرف إذا سيتمكن أحد أبدا من تحقيق هذا الأمر




"بوبي روبسون كان بالتحديد كما ينظر إليه الجمهور"، هذا ما شدد عليه بيرس، مضيفا "كان رجلا نبيلا، رجلا عظيما ومدربا كبيرا. درب إنجلترا لمدة ثماني سنوات، وأنا لا أعرف إذا سيتمكن أحد أبدا من تحقيق هذا الأمر. تميز دائما بنزاهته الكبيرة، حتى بعد الهزيمة المحزنة في نصف النهائي ضد ألمانيا".


"كنت محظوظا جدا لأني لعب تحت إشرافه لعامين ونصف العام على الصعيد الدولي، خصوصا في إيطاليا 1990 التي كانت ذروة مسيرتي المهنية. كانت تجربة جديدة بالنسبة لي، وأنا أتذكر كيف كنت عصبيا لكن الأهم هو أن الإثارة التي شعرت بها كانت لا تصدق. إيطاليا كانت بيئة ممتازة للعب كرة القدم - وهذه التجربة تبقى معك طوال حياتك. من الصعب ألتصديق بأن حوالي 20 عاما مضت عليها (إيطاليا 1990)".


الآن في السابعة والأربعين من عمره، بيرس مشغول في بناء الجيل المقبل من نجوم إنجلترا في دوره كمدرب لمنتخب انجلترا تحت 21 سنة، وهو دور يدمجه بمنصبه كمساعد لمدرب المنتخب الأول فابيو كابيلو. سيسافر مدرب مانشستر سيتي السابق الى جنوب أفريقيا العام المقبل مع منتخب "الأسود الثلاثة" وهو يتطلع لرؤية كأس العالم FIFA من منظور مختلف. والمفارقة، أنه وبعد أن استعاد ذكريات إيطاليا قبل 20 عاما، انتقل بيرس سريعا إلى الواقع الحالي من أجل أن يشيد برجل إيطالي ساعده على تنمية قدراته كمدرب.


"فابيو لم يكن مؤثرا على حياتي كما فعل بريان أو بوبي - حتى الآن على أقله"، هذا ما قاله بيرس، مضيفا "لكن كلما أمضيت المزيد من الوقت معه كلما يزداد تأثيره علي من حيث مسيرتي التدريبية. انه مختلف تماما عن مدربين مثل كلوف أو جولد. عندما كنت لاعبا، لم ألعب سوى تحت إشراف مدربين بريطانيين، وبالتالي العمل مع مدرب أجنبي أمر جديد ومنعش بالنسبة لي. سيكون من الرائع الذهاب إلى جنوب أفريقيا كجزء من الطاقم التدريبي، ومن الرائع أن أتعلم من شخص من عيار فابيو. تتعلم في كل يوم من حياتك - وأنا أحب كوني جزءا من المجموعة الدولية (المنتخب)".